ماهي أوجه الإختلاف بين السيكوباتي والسوسيوباتي ؟

ماهي أوجه الإختلاف بين السيكوباتي والسوسيوباتي ؟

19 أغسطس , 2019

الملخص: اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع هو اضطراب تم تضمينُهُ في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (الإصدار الخامس، DSM-V، للمنظمة الأمريكية للطب النفسي ، ونظراً للعجز الواضح في الدليل التشخيصي والإحصائي لاضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، أنشأ الاخصائي النفسي روبرت هيل قائمة تدقيق للإعتلال النفسي ولائحة للسمات الشخصية المحسوسة والسلوكيات الملحوظة، ومما يزيد موضوع السيكوباتية تعقيدا هو وجود مصطلح آخر يستخدم عادة في مجموعة مُماثلة وهي : مصطلح “سيكوباتي” ومصطلح “سوسيوباتي” بترادف ، رغم تضمنها فوارق حقيقية.

عادة ما يرد موضوع السيكوباتية (المُعتل عقليا) في الإعلام ، وأحد أكثر الأسئلة شيوعاً التي تُطرح على الأخصائيين النفسيين على التلفاز وفي المطبوعات ، ويظهر بسيطاً هو: “ما هو الاختلاف ما بين الشخص السوسيوباتي (المعتل اجتماعيا) والشخص السيكوباتي؟”. ومن سوء الحظ فإن الإجابة معقدة ، وهذا يرجع جزئياً إلى أن السؤال هو سؤال مُعِيب في بادئ الأمر. والإجابة الصحيحة للسؤال تتطلب إعادة تركيبه بالكامل.

فبدايةً ، “السيكوباتي” هو مصطلح يُستخدم ليُشير إلى الشخص الذي يُظهر السيكوباتية أو صفاتها. و”السوسيوباتي” “والسوسيوباتية” هي مصطلحات غير صحيحة طبياً ، أي هي مصطلحات لم توّثقها الجمعية الأمريكية للطب النفسي أو أي أخصائي في الصحة العقلية ذو تركيز بحثي وواسع النطاق، كروبرت هير، الأخصائي النفسي الكندي الذي أنشأ الإجراء الذي يُستخدم لتشخيص السيكوباتية ، (قائمة التدقيق للإعتلال النفسي). وللتأكيد فإن السيكوباتية هي مصطلح طبي وأما السوسيوباتية فهي مصطلح غير طبي. (ويجب على أخصائيي الصحة العقلية أن يمتنعوا من استخدام أي شكل من مصطلح “سوسيوباتي”. ومنذ تدريبي في قائمة التدقيق للاعتلال النفسي – وهنا الكلام لكروبرت هير – تعلمت أنا أيضاً  القيام بالمثل).

ومما يزيد موضوع السيكوباتية تعقيداً هو وجود مصطلح آخر يستخدم عادة في مجموعة مُماثلة من الصفات الشخصية والسلوكيات: اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع. وفي الإعلام وفي مكاتب المعالجين حول العالم ، يُستخدم مصطلح “سيكوباتي” ومصطلح “سوسيوباتي” بترادف ، رغم تضمنها فوارق حقيقية. وتظهر الاختلافات هنا في شكل أكثر دقة في محاولة للمساعدة على الحد من الإلتباس في مجتمع الصحة العقلية المعني، والإعلام وما بين العامة أيضاً.

اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع والذي يُرمز إليه إختصاراً بــ (ASPD) هو اضطراب تم تضمينُهُ في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (الإصدار الخامس، DSM-V، للمنظمة الأمريكية للطب النفسي ، عام ٢٠١٣). والتركيز الأساسي لإضطراب الشخصية المعادية للمجتمع هي السلوكيات. ويشمل معيار الدليل التشخيصي والإحصائي على الاستهانة بحقوق الآخرين والاعتداء عليها منذ عمر الخامسة عشر. وكما حددت بسبعة أنماطٍ مُحتملة ، وهي : عدم الإمتثال بالقوانين والأعراف ، وذلك بممارسة السلوك الذي يُسبب القبض الجنائي ، أو الذي يبرر لقبض جنائي. أو الكذب ، الخداع ، والتلاعب للكسب أو للمتعة الشخصية.  أو السلوك المتهور، أو الانفعال والعدائية المتمثلة في الاعتداء المتكرر على الآخرين، أو الإنخراط في المشاجرات. أو التجاهل السافر بأمن النفس والآخرين ، أو نمط من إنعدام المسؤولية ، أو عدم الشعور بالندم على التصرفات.

بُنيت هيكلة تشخيص اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، بالتركيز على السلوكيات، في محاولة لجعل التشخيص أكثر موثوقية (وأقل ذاتية). ولكن التقييد هنا هو أنه بالتركيز على السلوكيات الهيكلية لا تمثل بالشكل الكافي الصفات الشخصية التي تُرى عادةً في الأفراد الذين يظهرون هذه المجموعة المعقدة من السلوك المضطرب. بمعنى آخر، فإن هيكلة الدليل التشخيصي والإحصائي لاضطراب الشخصية المعادية للمجتمع قد يكون موثوقاً، ولكن قد لا يكون بذلك الصحة، لأنه لا يعطي تركيزاً كافياً على المكونات الهامة للشخصية المعتلة نفسياً.

ونظرا للعجز الواضح في الدليل التشخيصي والإحصائي لاضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، أنشأ الاخصائي النفسي روبرت هيل قائمة تدقيق للإعتلال النفسي (هير، ١٩٨٠)، وهي قائمة تقييمية ولائحة للسمات الشخصية المحسوسة والسلوكيات الملحوظة، تستخدم في تقييم الإعتلال النفسي الجماعات الإجرامية. كان لقائمة التدقيق الأولى ٢٢ مادة مختلفة، وتشمل مقابلة شبه منظمة، واستعراض لمعلومات إضافية قد تحوي على سجلات رسمية.

يعكس تطور قائمة التدقيق للإعتلال النفسي معتقد هير وزملاؤه، وهو بأن هناك احتياج لإجراء تشخيصي أكثر دقة، ويشمل هذا الإجراء كل من السلوكيات والصفات الشخصية. وذلك لأن هيكلة اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع لم يكن دقيقاً بما يكفي لأخذ تشخيصا ًبالرجال والنساء الذين لا يكترثون للأنظمة، والتقاليد الاجتماعية، والقوانين، ويتصفون بأنهم جذابين، ومخادعين، واستغلاليين، ولا يبدون أي تعاطف، أو إحساس بالذنب، أو الندم. أنشئت قائمة التدقيق للإعتلال النفسي بنية تأسيس مقاييس أكثر موضوعية متاحة للباحثين الإكلينيكيين وغير الإكلينيكيين. وذلك لإتاحة النظر في السمات الشخصية والسلوكية التي يبديها الجاني طوال عمره، ولربط مقياس التقييم بالهيكلة الإكلينيكية للإعتلال النفسي كما لخصها هارفي كليكلي، الذي يُعتبر إلى حد كبير مكتشف لمرض الإعتلال النفسي (برازيل وفورث، ٢٠١٦). وتشمل السمات الشخصية الأساسية لدى كليكلي المقدرة في قائمة التدقيق الجاذبية السطحية، وعدم المصداقية، والنفاق، وقلة التوتر العصبي. بالإضافة إلى السلوك الغير اجتماعي ذو الدافع الغير ملائم (قد يقومون بشيء مؤذي بدون سبب واضح)، والأنانية الباثولوجية، وعدم الشعور بالندم أو العار، ووعدم القدرة على اتباع خطة حياة، وغيرها (كليكلي، ١٩٨٢). تبرز هذه القائمة من السمات الشخصية الأساسية للاعتلال النفسي مدى اختلاف الاعتلال النفسي من اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، عبر تقييم للشخصية أكثر عمقا من تشخيص اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.

وفي عام ١٩٩١، نشر هير النسخة المعدلة من قائمة التدقيق، قائمة تدقيق الاعتلال النفسي-المعدلة (هير، ١٩٩١). وقام بنشر النسخة الثانية في عام ٢٠٠٣ (هير، ٢٠٠٣). ومع الأخذ بعين الاعتبار النسخة الحالية تحوي على ٢٠ مادة، ومجموع نقاط لـ٣٠ أو أعلى على المقياس تصنف المرء كـ”معتل نفسي”. ومن ناحية الطريقة التي يجب علىالمتخصصين توثيق درجة ٣٠ أو أعلى في تقرير طبي، تعلمت في تدريبي لقائمة التدقيق للاعتلال النفسي- المعدلة وفيها يجب على التقرير الطبي أن لا يحتوي على عنونة “معتل نفسي”، وأنها يجب أن تشير إليها بدلا عن ذلك عرض ” سمات إعتلال نفسي” أو “سمات اعتلال نفسي شديدة”.

وببساطة، ما الفرق ما بين اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع والإعتلال النفسي؟

الفرق الرئيسي ما بين اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع والإعتلال النفسي هو أن تركيز الأول ينصب أكثر على السلوكيات، بينما الآخر (يُشخص باستخدام قائمة التدقيق للإعتلال النفسي – المعدلة) يشمل مجموعة من المواد (تُعرف بالعنصر الأول في القائمة) التي ينظر إليها عادة باعتبارها الأساس لسمات الشخصية المُعتلة نفسياً (سكيم، وبوثرس، وإدنز، وليلينفلد، وكيل، ٢٠٠٢).

ولا تعني حقيقة عدم وجود الإعتلال النفسي في قائمة التدقيق للإعتلال النفسي المعدلة (كما هو الحال لإضطراب الشخصية المعادية للمجتمع) بأن الإعتلال النفسي هو هيكلة تشخيصية ضعيفة أو غير دقيقة. وأن قائمة التدقيق للإعتلال النفسي ونسخها المعدلة تم تطويرها باستخدام صلاحية التركيب والتحليل الاحصائي. واليوم يستخدم مكتب التحقيقات الفيدرالية ومنظمات أخرى قائمة التدقيق للإعتلال النفسي – المعدلة في نظام المحاكم.

وللحد من تضليل إلتباس عامة الناس حول المصطلحات المستخدمة لوصف الشخصية المعادية للمجتمع والمعتلة نفسيا، أرجو من الرابطة الأمريكية للطب النفسي، والتي تنشر قائمة تدقيق الاعتلال النفسي، ومنهم روبرت هير أن يتوصلوا إلى اتفاق هادف ويتفقوا على هيكلة تشخيصية واحدة لتحديد أفضل للسلوكيات والصفات الشخصية المعقدة التي ترى في هؤلاء الأشخاص (الـ ١٪ ) النادرين. وماذا بعد، ألا يجب إدراج الشخصية المُعتلة نفسياً في كتاب التشخيص الأهم للمهنة، وهي قائمة التدقيق للإعتلال النفسي؟ قد يكون لأن البناء يحتاج إلى مصطلح واحد بمتغيرين اثنين. توضع مفاهيم الاضطرابات الأخرى بهذه الطريقة، وتشمل مثلاً اضطراب ثنائي القطبي من النوع الأول واضطراب ثنائي القطبية من النوع الثاني. ووربما ما نحتاجه هو بناء في قائمة التدقيق للإعتلال النفسي تشمل إضطراب الشخصية المعتلة نفسياً من النوع الأول أو اضطراب الشخصية المعتلة نفسياً من النوع الثاني، وربما ما نحتاجه هو تضمين كلٌ من اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع واضطراب الشخصية المعتلة نفسياً في قائمة التدقيق للإعتلال النفسي.

حتى يتم التسوية ما بين هذه المصطلحات المتشابهة ولكن المختلفة – المعادي للمجتمع والمعتل نفسياً- قد يستمر استخدامها الخاطئ كمرادفين، ويستمر استخدام مصطلح “معتل اجتماعيا”. وحتى يتم تغيير ما، يجب أن يشير إليها المختصون بـ “الشخصية العادية للمجتمع” (مصطلح أقرتهُ الرابطة الأمريكية للطب النفسي)، أو “سمات إعتلال نفسي” (المصطلح الذي أقرهُ هير واستخدمهُ في تقييم الاعتلال النفسي في  كثير من مؤسسات إنفاذ القانون الكبرى).

ترجمة: مضاوي الأزمع

تويتر:MadawiN1

مراجعة : شوان حميد

تويتر : @shwan_hamid

تدقيق:فاطمة الهوساوي

تويتر:@ffatimah77

مصدر المقال: psychology today health help happiness + find a therapist


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!