كوكب الأرض يقترب بشكل خطير من المرحلة الحرجة ليدخل في حالة الدفيئة

كوكب الأرض يقترب بشكل خطير من المرحلة الحرجة ليدخل في حالة الدفيئة

15 سبتمبر , 2019

الملخص

إنه في عام 2300 حيث الكوارث الطبيعية والتقلُّبات الجوِّية، مثل: الأعاصير الساحقة للبنايات، والجفاف والحرائق طوال أيام السنة أصبحت شائعة لدرجة لا تستدعي أن تتصدَّر العناوين.

آخر الجماعات البشرية المتبقية قرب خط الاستواء الحار وضبوا حقائبهم للرحيل نحو القطبين المأهولين بكثافة السكانية في ذلك اليوم.

 

من الصعب تخيُّل ظاهرة (الأرض الدفيئة)، حيث سترتفع درجة الحرارة في الكوكب بنحو 7 إلى 9 درجات فهرنهايت  (من 4 إلى 5 درجات مئوية) أعلى من درجات ما قبل الثورة الصناعية، ومستويات البحر ستكون من  33 إلى 200 قدم  (10 إلى 60 مترًا) أعلى مما هي عليه اليوم، لكن من السهل الدخول إليها كما جاء في مقال يتحدث عن الأمر من منظور جديد نُشِرَ 6 من أغسطس في مجلة سجلات الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم “PNAS”.

في هذا المقال، ناقش مجموعة من العلماء درجات الحرارة التي تفوق الحد الأدنى والتي ستكتشَّف من قبل انظمة التغذية الراجعة الطبيعية التي تُبْقِي الأرض باردة حاليًا. وفي هذه النقطة، ستدفع سلسلة من الأحداث المناخية الكوكب لدخول حالة (الدفيئة).

على الرغم من أن العلماء لا يعلمون بدقة ماهو الحد الأدنى من درجة الحرارة، إلا أنهم يقولون أنها قد تكون درجتين مئويتين (حوالي 4 درجات فهرنهايت) أدفأ من مستويات ما قبل الثورة الصناعية.

هل يبدو الأمر مألوفًا؟ علامة الدرجتين هذه تلعب دورًا كبيرًا في اتفاقية باريس، إذ أن أبرز ماذكر في هذا الاتفاق المُنعقد في عام 2016 من طرف 179 دولة هو محاربة التغير المناخي، وذلك بتقليص انبعاثات الكربون (نفس الإعلان الذي هدَّدت الولايات المتحدة بالانسحاب منه العام الفائت).

في ذلك الاتفاق، قررت الدول على إبقاء درجات الحرارة العالمية المتزايدة أقل بدرجتين مئويتين -أو درجة ونصف وهي الدرجة المثاليه- فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية في هذا القرن.

”هذا البحث يعطي دعمًا علميًا قويًا؛ إذ أنه ينبغي علينا تجنُّب الاقتراب أو حتى بلوغ درجتين مئويتين أدفأ“ كما قال المشارك في تأليف المقال جوهان روكستروم، مدير مركز المرونة بستوكهولم و بروفيسور أنظمة المياه والاستدامة العالمية بجامعة ستوكهولم في السويد للايف ساينس.

♦تغيير وتيرة كوكب الأرض: 

في المليون سنة الأخيرة، تراوحت الأرض طبيعيًا في العصر الجليدي كل 100,000 سنة تقريبًا. وكانت آخر مرة خرج فيها الكوكب من آخر عصر جليدي قبل حوالي 12,000 سنة وهي حاليًا في دورة بين عصرين جليديين تسمّى عصر الهولوسين. في هذه الدورة، تمتلك الأرض أنظمة تساعدها على البقاء باردة حتى أثناء الفترات العصرين الجليدية الدافئة.

ولكن يجادل عدة علماء ذلك بسبب تأثير البشر على المناخ والبيئة، فينبغي أن يُسمَّى العصر الجيولوجي الحالي بالآنثروبوسين (من الكلمة اليونانية التي تعني بشري المنشأ، أو ناجم عن نشاط بشري)، فدرجات الحرارة تعادل درجات الحرارة القصوى على مر التاريخ في الدورة بين العصرين الجليديين كما قال روكستروم.

لو تستمر انبعاثات الكربون بلا هوادة فقد يخرج الكوكب من دورة بين العصرين الجليديين ويُدفع نحو عصر جديد من (الأرض الدفيئة).

كما قال روكستروم:”نساهم اليوم في انبعاث 40 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا من الوقود الأحفوري المحترق، لكن نصف هذه الانبعاثات تقريبا يتم تخزينها في المحيطات والأشجار والتربة“.

واضاف: ”رغم ذلك، نرى حاليًا علامات مُبالغتنا العاليه في التعامل مع النظام وذلك في قطع الأشجار وإتلاف الأراضي الخصبة واستهلاك كميات كبيرة من الماء وضخ كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون في الجو“.

”يخشى العلماء أنه إن وصلنا إلى درجة معينة من الحد الأدنى من درجة الحرارة، بعض هذه العمليات ستعكس وسيصبح الكوكب (سخَّان ذاتي) حسبما قال روكستروم، وهذا ما يعني أن الغابات والتربة والماء سيطلقون الكربون المخزَّن“.

وقال أيضًا: ”حينما يصبح الكوكب مصدرًا لانبعاثات غازات الإحتباس الحراري بالإضافة إلينا نحن البشر، وكما يمكنك أن تتخيَّل، فالأمور تتسارع بسرعة كبيرة جدًا في الطريق الخاطئ“.

♦مراحل حرجة متعددة :

من منطلق ورقتهم البحثية، أيَّد روكستروم وفريقه وثائق موجودة عن عمليات رد فعل طبيعية متنوعة، واستنتجوا إلى أن العديد منها يمكنه أن يكون (عنصرًا حرجًا)، فحينما ينحرف أحدها سيتبعها الآخرون.

وقال روكستروم: ”تمتلك الطبيعة آليات ردة الفعل، مثل: قدرة الغابات الماطرة على خلق رطوبتها الخاصة ومطرها، والتي تحفظ أنظمتها البيئية متوازنة؛ فإن تعرَّضت الغابات الماطرة إلى زيادة في درجة الحرارة وقطع الأشجار فهذه الآلية ستضعف ببطء“.

ويكمل قائلاً: ”فعندما تعبر النقطة الحرجة تؤدي إلى تغيُّر اتجاه آليات ردة الفعل“ يقول أيضًا: ”وتتحوُّل الغابات الماطرة من (محرِّك ترطيب) إلى (مجفف ذاتي)، وفي النهاية، تتحوَّل الغابات الماطرة إلى سافانا، وأثناء هذه العملية ينبعث الكربون“.

وبالتالي قد يصبح هذا جزءًا تعاقبياً يمكن أن يأثر على عمليات أخرى حول العالم مثل سير المحيطات وحوادث إل نينيو (ظاهرة ارتفاع درجات الحرارة في الجزء الشرقي ووسط المحيط الهادي، تتكرر تقريبًا بين عامين إلى 7 أعوام وهو ما يؤدي إلى حدوث تغيُّرات مُناخيَّة وبيئيَّة كبيرة في مُختلف أنحاء العالم).

وأحد النقاط الحرجة الأخرى تشمل ذوبان جليد الأراضي دائمة التجمُّد وخسارة جليد بحر الأركتيكي الصيفي وفقدان الشعاب المرجانية.

♦نداء استغاثة عالمي:

يقول روكستروم: ”إيقاف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول العام 2050 هو أوَّل أكبر الأهداف لكنه غير كافٍ، وللبقاء في منأى عن هذه النقاط الحرجة، يحتاج العالم أجمع لمباشرة مشروع ضخم ليصبح مستدامًا في كل المجالات“.

وقال أيضًا: ”قد يكون هذا تحدِّيًا، ما دامت الدول حول العالم تنمو قوميًا. فبدلًا من التركيز على الأهداف الوطنية المحددة، يجب على العالم أن يعمل جماعيًا لتقليل انبعاثات الكربون، على سبيل المثال: إنشاء صناديق استثمار يمكنها دعم الدول الضعيفة، التي لا تملك القدرة على تقليل الانبعاثات مثلما تمتلك الدول الأغنى“.

”كلُّ هذا يعني أنه علميًا غير مقبول تمامًا أن تغادر دولة مثل الولايات المتحدة اتفاق باريس؛ لأننا نحتاج اليوم أكثر من أي وقت كل الدول في العالم للعمل على التخلُّص من الكربون من أجل تأمين كوكب مستقر“ مثلما قال روكستروم.

الورقة البحثية الجديدة: هي عبارة عن مقال رأي لا يتضمَّن بحثًا جديدًا، بل يسلط الضوء على ما هو موجود من أبحاث سابقه، كما قال مايكل مان للايف ساينس في رسالته الإلكترونية، وهو بروفيسور في علم الأرصاد في جامعة ولاية بنسلفانيا الذي لم يكن طرفًا في الدراسة.

قال مان: ”وبعد ما سبق ذكره، وفي ظل غياب مجهودات حثيثة في القريب العاجل لتقليل انبعاثات الكربون، فإن المؤلفين يقدمون قضية ذات مصداقية بأنه يمكن أن نتعرض إلى تغير مناخ خطير ولاعودة فيه في غضون عقود“.

ترجمة: كتفي بلال

Twitter @iBylelK

مراجعة: ندا عبدالله

Twitter @i_NadaAbdullah

تدقيق: جواهر الراشد

Twitter @J_rashed

المصدر:

space


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!