مهمة هذا الروبوت هي التعامل مع أزمة الماء العالمية

مهمة هذا الروبوت هي التعامل مع أزمة الماء العالمية

14 يونيو , 2019

الملخص

هناك كم محدود من الماء الموجود على سطح الأرض، وما يجعل الأمر أكثر تعقيداً هو أنه لا يمكننا صناعة الماء! هذا يعني أنه علينا أن نعمل بشكل أفضل للحفاظ على الماء وإدارته بشكل سليم، وهناك شركة تعمل على ذلك باستخدام الروبوتات.

قامت شركة واتش تاور روبوتكس (WatchTower Robotics) بصنع روبوت مرن الأطراف يعمل تلقائياً بحجم الكرة اللينة (كرة تستخدم في رياضة الكرة اللينة وهي تشبه لعبة البيسبول).

عند إدخال الروبوت داخل أنبوب المياه، يبدأ يتحرك داخل الأنبوب ويكشف عن أي تسريب بغض النظر عن حجم هذا التسريب، ويتحرك الروبوت داخل الأنبوب بفعل قوة دفع الماء الحاصلة داخل الأنبوب.

يقول تايلر مانتل (Tyler Mantel) وهو قائد استراتيجية المنتج بشركة “WatchTower Robotics”: “فقدان الماء (بالتسريب) مشكلة كبيرة. هناك مال كاف لحل المشكلة، ولكن لا يوجد حلول في السوق. كان الشريك المؤسس يو وو (You Wu) قد بدأ تطوير الروبوت كجزء من أطروحته في معهد ماساتشوستس للتقنية “MIT”.

والآن بعد ست سنوات من التطوير، حصلنا على هذا المنتج والذي بإمكانه الكشف عن أي تسريب في جميع انواع الانابيب بغض النظر عن المواد المصنوعة منها هذه الانابيب.

ولكن يقول الخبراء بهذا المجال: بسبب خطورة المشكلة وتعقيدها، فإن مثل هذه الحلول لن تنتشر في الأسواق بسرعة كافية.

حسب ما ذكرت الأمم المتحدة: فإنه بحلول العام 2025م، سيكون هناك 1.8 مليار نسمة يعيشون في ندرة مائية، أي أنه لن تكون هناك مصادر مياه طبيعية كافية لتلبية الاحتياج المحلي لهؤلاء الناس.

ندرة المياه تختلف عن ندرة المياه الاقتصادية، والتي تعني الندرة الناتجة عن سوء إدارة الموارد المائية.

واليوم ما يقارب 2.8 مليار شخص يتعرضون لكلا الحالتين (ندرة المياه وندرة المياه الاقتصادية)  لمدة شهر من كل سنة على الأقل.

هذه الأزمة عالمية وعدد المتضررين منها في ازدياد وستزداد الأزمة سوءاً قبل أن تتحسن للأفضل.

تُستخدم 70% من المياه الموجودة على سطح الأرض لأغراض الزراعة، والنسبة في ازدياد، وعدد سكان الأرض من المتوقع أن يصل إلى 9.7 مليار نسمة بحلول عام 2050م، ما يعني أنه سيكون هناك حاجة اكثر إلى الماء. فإذا كانت هناك ندرة للماء في الوقت الحاضر، فلا شك أن الأمر سيكون أسوأ في العام 2050م.

استغلال الماء بهذه النسب الكبيرة في مجال الزراعة هو جزء من المشكلة فقط.

معظم البنى التحتية في الولايات المتحدة الأمريكية مثل الأنابيب الأرضية ومحطات معالجة المياه، قديمة ولم تعد صالحة للاستخدام لقدمها. المواد المصنوعة منها هذه البنى التحتية تبدأ بالتحلل والتكسر بعد تجاوز عمرها الافتراضي، ومن هذا التحلل والتكسر تنتج التسريبات.

في الدول النامية، أزمة ندرة المياه أكثر صعوبةً و تعقيداً، ففي المملكة العربية السعودية على سبيل المثال، والتي تملك أغلى سوق مياه في العالم، 30% من ماء الدولة يضيع نتيجة التسريبات ومشاكل صيانة البنى التحتية.

في مثل هذه الحالات، المطلوب هو جهاز يمكنه المرور عبر أنابيب المياه والكشف عن التسريبات وإشعار السلطات ليتم التعامل مع هذه التسريبات، وهذا بالفعل ما صنعته شركة “WatchTower Robotics”.

يبدو النموذج المبدئي للروبوت مخروطي الشكل وتم بناؤه باستخدام عدة عناصر من ضمنها سلسلة من الأجنحة الصغيرة المحيطة بالروبوت، وتكون هذه الأجنحة المرنة موصولة بمستشعرات.

عند مرور الروبوت داخل الأنبوب، تنجذب الأجنحة المحيطة بالروبوت باتجاه مكان التسريب، وما يدفع الأجنحة تجاه التسريب هي قوة الماء المندفعة للخارج من مكان التسريب.

وفي كل مرة تنجذب فيها الأجنحة، تُسجّل تفاصيل هذا الانجذاب داخل الروبوت ثم يتم تحليلها لاحقاً.

تقنية الـ “GPS” التقليدية لا تعمل بفاعلية كما يعمل هذا الروبوت، والسبب في ذلك هو أن معظم أنابيب المياه مدفونة تحت الأرض مما يجعلها صعبة الاستخدام في مثل هذه التطبيقات.

ولكن ما يميز هذا الروبوت هو قدرته على تحديد موقع التسريب في إطار مساحة قدرها واحد قدم مربع لكل شوط من 500 قدم (إذا قطع الروبوت مسافة 500 قدم داخل الأنبوب، وخلال هذه المسافة كان هناك تسريب، فإن الروبوت سيحدد مكان التسريب بدقة تصل إلى واحد قدم مربع).

مثل هذه الدقة تعتبر جديدة نسبياً، حيث أنه من المعتاد حفر منطقة كبيرة من الشارع لإيجاد وإصلاح التسريب، وقد كان هذا هو السبب الذي دفع تايلر مانتل وبقية أعضاء الفريق لتطوير مثل هذا الروبوت.

“قريباً كنا جالسين مع أحد العملاء لنريه إمكانية الروبوت على تحديد موقع التسريب في إطار يبلغ بضعة أقدام على جهاز نظم المعلومات الجغرافية (GIS) الخاص به، نظر إليّ العميل وقال: هل باستطاعتك إيجاد مكان الأنبوب؟”.

من الواضح أن هناك العديد من البنى التحتية في الولايات المتحدة وفي أماكن أخرى من العالم تجاوز عمرها 70 عاماً، مما يجعل إيجاد مواقعها صعباً على مالكيها فضلاً عن صيانتها.

هم عادة وبشكل تقريبي على دراية بمسار الأنبوب، وفي بعض حالات الطوارئ لا يعلمون أين يجب عليهم الحفر لإيجاد وإصلاح التسريب، ولذلك وجود مثل هذه التكنولوجيا سيجعل هذه العقبات جزءًا من الماضي.

أحد أهم التطورات التي طرأت على مجال الروبوتات في السنين القريبة الماضية هو ظهور ما يعرف بالروبوتات الناعمة، حيث يُستخدم لصناعتها مواد طيّعة (قابلة للتشكّل بسهولة) بدلاً من المعادن الصلبة لمنحها مرونة أعلى ومحاكاة أفضل للواقع.

يقول تايلر مانتل: “استخدام مواد طيّعة بدلاً من الصلبة لصناعة الروبوت يجعل من السهل على الروبوت الانكماش والمرور بأنابيب لا يمكن المرور من خلالها باستعمال ما يعرف بالـ “Smart PIGs” (وهي معدات مصنوعة من مواد صلبة تستخدم داخل الأنابيب لتنظيفها والكشف عن التسريبات).

هناك معدات أخرى أيضاً تُستخدم لنفس الغرض، ولكنها عادة ما يكون قطرها أقل من قطر الأنبوب وهذا يُفقدها توازنها وقدرتها على الاستمرار في مركز الأنبوب. وبسبب صغر قطرها مقارنة بالأنبوب، فإنه لا يمكن الاستفادة منها لسد مجرى الأنبوب إذا كانت هناك حاجة ذلك.

صناعة هذا الروبوت من مواد طيّعة يجعل التحكم فيه أسهل، فهو يتحرك بشكل منتظم ويمكنه المرور من خلال الصمامات الضيقة. وإذا كانت هناك ترسبات داخل الأنبوب، فإن ذلك لن يمنع الروبوت من المرور خلالها لمرونته العالية في التشكل على حسب المجرى.

على الرغم من أن شركة “WatchTower Robotics” هي حديثة نسبياً، إلا أنها تُحدث تطوراً ملحوظاً في مجال فحص أنابيب المياه، وهي تسعى حالياً على تطوير إمكانيات الروبوت لتتمكن من استخدامه مع موائع أخرى مثل الغازات، لأن الروبوت حالياً يعمل فقط على أنابيب المياه.

ويقول تايلر مانتل: “عندما أنشأنا أنا والدكتور يو وو هذه الشركة، اتفقنا على عمل شيء ذو قيمة يعود بالنفع على العالم، ومن هذا المنطلق، اتخذنا العديد من القرارات، من ضمنها كيف سيكون هذا المنتج منافساً لغيره من المنتجات الموجودة في السوق. وجدنا أن هناك منتجاً قريباً لمنتجنا من حيث الشكل وآلية العمل، ولكنه مُكلف جداً؛ فقيمته تبلغ 25000 دولارًا أمريكياً لقطع ميل واحد فقط من الأنابيب، ولكلفته الباهظة فإنه لا يُستخدم إلا في المدن أو المناطق الكبيرة التي يُلاحظ أن بها تسريب، لذلك أردنا أن نبتكر شيئاً يعمل بنفس الطريقة وتكلفته لا تتجاوز الـ 2000 دولار للميل الواحد، ولأن تكلفته منخفضة مقارنةً بغيره، فإن استخدامه لن يكون فقط للصيانة التصحيحية وإنما الوقائية أيضا،ً وكذلك لأن تكلفته منخفضة فإنه لن يكون حكراً على الدول المتقدمة فقط، بل ستتمكن الدول النامية من استخدامه أيضاً، وهذه هي وجهتنا القادمة”.

المترجم: عبدالرحمن الزهراني

المراجع: صالح أحمد القرني

Twitter @alsahlisaleh

المصدر:

asme.org

شارك المقال

اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!