أنت كغيرك بإمكانك أن تصبح خارق الذاكرة

أنت كغيرك بإمكانك أن تصبح خارق الذاكرة

8 سبتمبر , 2019

الملخص:

كالسحر, البعض منا لديه القدرة على حفظ قائمة طويلة من مئات الكلمات العشوائية في ثوانٍ قليلة ثم سردها بكفاءة بعد ذلك بساعات، ولحسن الحظ فإن خارقي الذاكرة لديهم ميل لمشاركة سرهم هذا ، فقد اتضح أنهم يستعملون طريقة استذكار ذات صيت تُعرَف بطريقة لوسي (method of loci) و وفقاً لدراسة حديثة يمكن لمعظم الناس تعلمها.

وكما يقول الباحثون فإن للناس العاديين القدرة على تعلم هذه الطرق لتقوية ذاكرتهم في غضون عده أسابيع ، بالإضافة إلى أن تعلم طريقة لوسي أظهرت قدرتها على تغيير شكل الخلايا العصبية ، وتحفيز ظهور أنشطة دماغية ذات أنماط شبيهة بتلك التي لدى خارقي الذاكرة ، كما أخبر باحثون في مجلة (journal Neuron) في الثامن من شهر مارس/ آذار.

يقول كبير الباحثين في الدراسة د. مايكل غريسيوس ، استاذ مشارك في علم الأعصاب في جامعة ستانفورد : “تدريب البشر العاديين ليصبحوا خارقي الذاكرة ينمّي ويقوي الخلايا العصبية المسؤولة عن الذاكرة في أدمغتهم” .

طريقة لوسي أو كما تعرف أيضا بقصر الذاكرة ليست حديثة عهد على الإطلاق بل على العكس ؛ فهي تعتبر واحدة من أقدم الاستراتيجيات الإدراكية المعروفة ، حيث ظهرت قبل حوالي 2500 عام ، و تتضمن هذه الطريقة ربط معلومات مجردة بإشارات وتلميحات مكانية وزمانية معروفة لدى الشخص ، فمثلا إذا أردت حفظ قائمة من الأرقام تخيل نفسك وأنت تمشي بداخل منزل مألوف لديك ، واربط كل رقم تريد حفظه بشيء في ذلك المنزل ، كأن تربط الصفر بمقبض الباب الرئيسي ، والواحد بالمصباح المعلق بالسقف ، وهكذا.

قام مجموعة من العلماء في الولايات المتحدة الأمريكية وهولندا في الدراسة المجرية حديثاً بمقارنة أناس عاديين بثلاثة وعشرين شخصاً من خارقي الذاكرة وهم الذين حققوا نتائج عالية في بطولة الذاكرة العالمية التي جعلتهم في قائمة أفضل 50 مشاركاً ، وكما هو متوقع فإن ذاكرة خارقي الذاكرة كانت أفضل من ذاكرة الآخرين ، وتم اختبار ذلك عن طريق تجربة أجريت على كلا المجموعتين حيث طُلب من 17 شخصاً من ذوي الذاكرة الفذة حفظ قائمة من 72 كلمة ، ثم سردها بعد مرور عشرين دقيقة ، وقد تمكنوا من سرد جميع الكلمات ،على عكس غيرهم أصحاب الذاكرة العادية حيث كان متوسط ما سردوا من الكلمات 40 كلمة.

بعد ذلك قام الباحثون بأخذ صور لبُنيَة أدمغة المشاركين في الدراسة لمقارنتها ولمعرفة سبب أفضلية ذاكرة بعض المشاركين على البعض الآخر ،  ومن المثير  للاهتمام “أنه لم نجد فرقاً يُذكر ، فلم يكن لأدمغة خارقي الذاكرة بنية أو تركيب مختلف عن غيرهم” كما يخبر مارتن دريسلر المؤلف الأول للدراسة وأستاذ مساعد في علم الأعصاب بمعهد دوندرز للدماغ والإدراك والسلوك في هولندا.

 وتُظهر هذه النتائج أن خارقي الذاكرة لم يولدوا كذلك ، وأن سبب تفوقهم يعود إلى تعلمهم لاستراتيجيات ساعدتهم على تقوية ذاكرتهم ، وبعبارة أخرى كما يقول دريسلر : ” فإن الفرق في برمجة الدماغ لا في تركيبه “.

♦كيف يغير تعلم الاستراتيجيات أدمغتنا؟

في الجزء الثاني من الدراسة كان هدف الباحثين معرفة ما سيحدث لأدمغة الناس العاديين عند تعليمهم كيفية ممارسة طريقة الرحلة ،  فقاموا بتقسيم المشاركين البالغ عددهم 51 مشاركاً إلى ثلاث مجموعات.

المجموعة الأولى دُرِبت على طريقة لوسي ، بواسطة دورة يومية على الإنترنت مدتها ستة أشهر ، المجموعة الثانية دُرّبت على نوع آخر من الاستراتيجيات يعمل على تقوية الذاكرة العاملة بشكل عام ، المجموعة الثالثة لم تتلقَ أي تدريب على الإطلاق.

بعد أن أتمت المجموعتان الأولى والثانية تدريبهما ، أُعيد اختبار حفظ 72 كلمة مرة أخرى ، وكانت النتائج كالتالي: المجموعة الأولى أظهرت أداء ذاكرة عالٍ حيث لوحظ مضاعفة في عدد الكلمات التي باستطاعتهم تذكرها ، بينما لم تُظهِر المجموعتان المتبقيتان أي تقدم ملحوظ. استمرت المجموعة الأولى في تقدمها هذا على مدى أربعة شهور حيث قام الباحثون باختبارهم مرة أخرى خلالها ، وهذا يشير إلى أنه متى ما تعلم الناس الاستراتيجية فإنهم سيحتفظون بها.

تصوير دماغ المشاركين قبل وبعد التدريب أظهر تطوراً في أنماط أنشطة الدماغ لدى أولئك الذين تدربوا على طريقة الرحلة شابه في ذلك أنماط خارقي الذاكرة. في الدراسات المستقبلية يهدف الباحثون إلى مراقبة الدماغ في نفس الوقت الذي يقوم فيه المشاركون بمهام الحفظ كما يقول دريسلر ، ففي هذه الدراسة قام الباحثون بأخذ صور لأدمغة المشاركين حين كانوا في وقت راحة غير مندمجين بأي مهمة ، وذلك بسبب رغبة الباحثين في معرفة الأنماط الأساسية لنشاط الدماغ.

للعلماء تفسير لسبب كون طريقة لوسي استراتيجية فعالة لتقوية الذاكرة, يقول دريسلر: ” إن طريقة لوسي تعتمد على مهارات كانت تعد مهمة في ماضي نشأة البشرية،  فقديماً لم يكن من المهم حفظ معلومات مجردة كالأسماء والأرقام ، بل كل ما كان يهم هو معرفة البشر للاتجاهات والطرق والأماكن التي باستطاعتهم إخفاء طعامهم فيها ؛ ونتيجة لذلك فقد تطورت أدمغتنا لتصبح متميزة في حفظ هكذا معلومات”.  وبتعبير آخر فإن طريقة لوسي تعمل على تقوية ذاكرتنا عن طريق استغلال الشبكات العصبية الخاصة بالزمان والمكان وتوظيفها لمعالجة نوع آخر من البيانات.

وعلى الرغم من كون قدرة الشخص على حفظ قوائم طويلة من الكلمات لمهارة مبهرة إلا أنها لا تطور ولا تؤثر على النواح الإدراكية الأخرى أو الأنواع الأخرى من قدرات الذاكرة ، فقد اتضح أن خارقي الذاكرة معرضون كغيرهم لنسيان مفاتيحهم، ومع ذلك فإن دريسلر يقول أن طريقة الرحلة أظهرت كونها استراتيجية فعالة لتقوية الذاكرة ، فهي تفيد بشكل كبير الأشخاص الذين تتطلب منهم وظائفهم حفظ كمية هائلة من المعلومات كالأطباء والمؤرخين.

ترجمة :  عائشة اليحيوي .

تويتر : @ashash_xx

مراجعة : أسامة أحمد خوجلي .

تويتر : @okroos_

المصدر : live science the most interesting articles mysteries and discoveries


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!