يمكننا قراءة الذكريات من خلال تحليل النشاط الجيني في الدماغ

31 أغسطس , 2018

الملخص:

يتحدث المقال عن كيفية قراءة الذكريات عن طريق نمط الجينات في الدماغ. و وجد أن لكل تجربة نمط خاص بها. و يمكننا في المستقبل المساعدة في تغيير الذكريات السيئة.

 

 

تمتلك الذكريات توقيع جيني فريد من نوعه في مخ الإنسان، وهو رمز تم اكتشافه وفك شفرته للتو. وبينت الدراسات التي أجريت على الفئران أنه قد يمكننا القدرة على قراءة ذكريات الآخرين من خلال إختبار الأنماط في أدمغتهم، وكذلك يمكننا في يوم من الأيام تغيير هذه الأنماط وإصلاحها من أجل علاج الاضطرابات العقلية وفقدان الذاكرة.

 

يبدو أن الدماغ يقوم بتخزين الذكريات في روابط جديدة بين الخلايا العصبية، وللقيام بذلك تحتاج الخلايا إلى إنتاج بروتينات جديدة، وهي عملية يحكمها المئات من الجينات وأثناء التحقيق حول كيفية عمل ذلك، اكتشف عامي سيتري وزملاؤه في الجامعة العبرية بالقدس أن تجارب معينة- كإعطاء صدمة كهربائية أو إعطاء الكوكايين- أثارت تغييرات مختلفة في نشاط الجينات في أدمغة الفئران، إذ أجريت على الفئران مجموعة من التجارب سواء إيجابية أو سلبية، مثل: صدمات كهربائية في أرجلهم، إعطائهم أطعمة سكرية أو كوكايين أو جرعات من مادة كيميائية تجعلهم يشعرون بالمرض. وبعد ساعة تعرضت الفئران لما يسمى بالموت الرحيم، ثم قاموا الباحثين بفحص الجينات المسئولة عن الذاكرة في سبع مناطق من المخ، بما فيهم الحصين و اللوزة.

 

فوجئ سيتري أن جميع الفئران التي أعطيت الكوكايين على سبيل المثال أظهرت نفس النمط العام لنشاط الجينات، كانت الأنماط واضحة جداً مما جعل الفريق يتمكن من تخمين التجربة التي مر بها الفأر بدقة تزيد عن 90٪ فقط من خلال تحليل مستويات نشاط الجينات المختلفة في أدمغة الفئران. في حين أن كل تجربة لها نمطها الخاص  كانت أنماط التجارب الإيجابية متشابهة إلى حد ما مع بعضها البعض، وكانت كذلك التجارب السلبية، مما يشير إلى أن الذكريات السيئة والذكريات الجيدة يتم تسجيلهم بشكل مختلف.

 

فالأحداث السابقة كان أيضا لها تأثير، حيث كان هناك توقيع جيني مختلف عند أكل السكر للمرة الأولى وعند الأعتياد على أكله سابقا. يقول سيتري “إنها دقيقة للغاية – يمكننا فصل مجموعة واسعة من التجارب المختلفة، فكل ذاكرة يتم تشفيرها لها مدخل فريد في الدماغ من ناحية الجينات التي تقوم بتشفيرها”، كما قال سيتري “يبدو أن نمط النشاط الجيني يبلغ ذروته بعد ساعة من حدوث التجربة”، وتقول آمي ميلتون من جامعة كامبردج أن الذاكرة البشرية ربما تعمل بطريقة مشابهة لأننا نستخدم نفس الآليات لتشكيل الذكريات وقالت “إنه من المحتمل أن تكون مثيرة.. إن استطعنا تحديد ما هو ضروري لبناء الذاكرة، يمكننا المساعدة بإعادة بناء الذكريات المدمرة”

 

يأمل سيتري بأنه سيكون من الممكن معرفة توقيعات الذاكرة الجينية عن طريق عينات الدم، بحيث يمكن للباحثين قراءة هذا الرمز في ذاكرة الكائنات الحية أو ذاكرة الناس. ويقول أن فريقه كان لديه نتائج مبكرة واعدة في القيام بذلك على الفئران. فإذا نجح الأمر، قد يساعد على فهم كيف يمكن للأشخاص تجربة الحدث نفسه بطرق مختلفة. وتقول ميلتون “قد تشفر ذكريات الأشخاص الأكثر مرونة بطريقة مختلفة”.

 

بالإضافة إلى ذروة النشاط الجيني بعد المرور بتجربة ما، يعتقد سيتري أيضا بأن هناك علامات دائمة أكثر دقة توضع على الجينات. قد تكشف هذه التوقيعات اللاجينية شيئًا عن التجارب في الماضي البعيد للإنسان كما يقول سيتري، على الرغم من أنه لم يدرس هذا بعد. فالتوقيعات الجينية التي تكشف عن تجارب الأشخاص الشخصية يمكن أن تعطي الأطباء نظرة أعمق عن حالات اضطراب ما بعد الصدمة، بل وربما تؤدي إلى علاجات جديدة لتبديل الذكريات. تقوم العلاجات الحالية للأشخاص الذين يعانون من الذكريات المؤلمة والرهاب بتغيير طريقة استجابتهم لها،  لكن هذا يتضمن فترات طويلة من المحاولة في تخفيف ذكرى الأحداث الأليمة. فالعلاج بتغييرالتوقيع الجيني للذاكرة من نمط سلبي إلى نمط إيجابي يمكن أن يكون أفضل.

 

تمكن سيتري وفريقه من القيام بذلك على الفئران، إذ قاموا بتغيير ذاكرة الفأر الناتجة عن صدمة كهربائية بحقنها بعد ذلك بجين يساهم في تكوين الذاكرة. وقال سيتري الذي قدم هذه الدراسة في الاجتماع السنوي لجمعية العلوم العصبية في واشنطن العاصمة في العام الماضي أن الفأر لم يعد يتجمد من الخوف عندما يتم إعادة تلك الذاكرة. قد يساعد رمز الذاكرة في تحاليل الطب الشرعي في المستقبل، حيث يمكن الكشف عن أحدث التجارب لشخص قد قُتل. تقول كلي واربيرتون من جامعة بريستول بالمملكة المتحدة “إنه اقتراح رائع”.

 

على سبيل المثال، قد يكون من الممكن في يوم من الأيام النظر إلى منطقة في الدماغ مرتبطة بالاعتراف و يمكننا القدرة على معرفة إن كان أحد ضحايا القتل قد رأى شخصًا يعرفه قبل أن يموت. وقالت واربيرتون “لكن سيتوجب عليك الوصول إلى هناك بسرعة بالغة، حيث تبدأ البروتينات بالتحلل في غضون دقائق بعد الموت. من المحتمل ألا تعطيك معلومات أكثر مما يستطيع عالِم الطب الشرعي الجيد أن يعطيك، ولكنني لن أكون مندهشة إذا انتهى الأمر بفيلم حول هذا الأمر”.

 

وقالت وربورتان” قد يكون فهم وعلاج فقدان الذاكرة أفضل تطبيقاً على النتائج. إذا استطعنا تحديد مناطق الدماغ والبروتينات الضرورية لتشكيل الذاكرة، يمكننا حينئذٍ الذهاب والتلاعب بالخلايا العصبية… وعندما يتعرض الناس إلى تلف في الدماغ، يمكننا المساعدة في إعادة بناء الذاكرة”.

 

المترجمة: ريم العازمي

Twitter @me__only_r7

المراجعة: منة فايد

Twitter @menna_af

المصدر:

New Scientist 

شارك المقال

اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!