يمكن للسيارات دون سائق دفع الجنس البشري للتمدد نحو الريف

31 أغسطس , 2018

 

الملخص:

تؤثر قيادة السيارات ذاتية القيادة على البشر والبيئة المحيطة بهم من نباتات وحيوانات، ومع التمدد العمراني الجديد فإن هذه المركبات ستقلل من الضرر المحيط بالبيئة. يناقش المقال هذه الأفكار ومدى تأثيرها على المستقبل.

 

 

ستغير السيارات ذاتية القيادة الكيفية التي نعيش بها وذلك على كافة الأصعدة. هذا التأثير لن ينحصر علينا نحن البشر فحسب؛ فالثورة القادمة في النقل الذاتي ستؤثر على الحيوانات البرية على حدٍّ سواء. لهذا يحتاج مخططو ومحافظو الطبيعة أن يفكروا بإمعان حول المركبات دون سائق سيما عبر التمدد العمراني المتجدد.

في بعض الأحيان, تنبئ التطورات الهائلة في تقنية السيارات بالخير للبيئة. حيث أن السيارات الكهربائية ستستبدل الكثير من محركات الاحتراق الداخلي، ونظريًا يجدر بهذا أن يقلل من انبعاثات الكربون وتلوث الهواء المضر بالصحة.

من ناحية أخرى، ستقلل السيارات (دون سائق) استخدام الطاقة بشكل عام وذلك عبر التقليل من الازدحام المروري. وبخلاف السائقين البشر؛ الحواسب الآلية قادرة على تجنب تأثير الأكورديون ويشمل تسارع وكبح الفرامل الذي لا حاجة له والذي يزيد من تفاقم الازدحام على طول الطريق، كما أنه لن يميل للتسكع عند المرور بحادث مروري على عكس السائقين البشر. بالإضافة الى أن السيارات الذاتية ليست مقيدة بأوقات ردود فعل البشر، فقد يبدو منطقيًّا أن تُزاد الحدود القصوى للسرعة لهم في الطرق الرئيسة بين المدن.

لذلك السيارات دون سائق تعد بمستقبل ذي أوقات رحلات أسرع مع انخفاض كبير بالتأثيرات البيئية. كما من الممكن أن يؤدي ذلك لتقليل وفيات المخلوقات البرية. ولكن كفاءة السيارات دون سائق العالية هي ما يشكل تحديًّا للمخططين والمحافظين على البيئة. يتمثل التهديد في الزيادة الغير مراقبة في مناطق ذات تحضر منخفض.

 

القيادة في الريف

السيارات المستقلة تعد بمستقبل يكون فيه الركاب أحرارًا في اختيار كيفية استغلال أوقاتهم بشكل مثمر كالعمل على سبيل المثال. ويمكنهم الاستقلال بأنفسهم أو يشتركوا في المركبات ؛ مما قد يوفر المزيد من الوقت في الاندفاع أثناء الصباح. إضافةً إلى أوقات رحلات أسرع؛ المحفزات للعيش في الريف ستزداد بشكل كبير وملحوظ.

هناك عوامل جذب وطرد تعمل في هذه المسألة: الأسعار الفلكية للسكن في معظم المدن تدفع الناس بعيدًا عن مراكز المدن بينما البيئات الصحية والمسطحات الخضراء تدفع الناس نحو المناطق النائية. الجدير بالذكر هو أن العامل المحدد في اتساع الضواحي هو غالبًا وقت السفر سواءً بوسائل النقل العامة أو الخاصة. لذا فإن السيارات دون سائق ستغير المعادلة بشكل جوهري.

سياسات التخطيط الموجودة مبنية على أنظمة نقلنا الحالية. “الأحزمة الخضراء” على سبيل المثال تُصمم لتقلل من الزحف العمراني عبر تقييد التطور في منطقة عازلة حول منطقة مدنية. ولكن خدمة توفير وقت النقل التي قدمتها السيارات دون سائق سهلت العيش خارج الحزام أثناء عملهم بداخله. لذلك فإن هذه المسطحات الخضراء معرضة لخطر أن تصبح طبقة نحيفة في شطيرة من الأرياف والضواحي المنتشرة بكثرة.

هذا بالتأكيد تحدٍ مألوف منذ بداية عصر السيارات في الأربعينات من القرن العشرين. لكن الحلول المصممة من قبل المخططين تم معايرتها لنظام سيارة قائدها بشري، وليس للمتحكمين الخارقين (للنقل دون سائق) في المستقبل.

وكمثال للتخطيط لحماية الحيوانات البرية :المحميات الطبيعية، والمنتزهات الوطنية، و”المساحات ذات الجمال الطبيعي المذهل” (في بريطانيا). مساحات كهذه لديها إما ضوابط تقيد التطور أو تمنعه تمامًا. لكنها أماكن جيدة للعيش بها أو بقربها. الثورة القادمة من تقليص أوقات رحلات السيارات والقدرة على العمل خلف المقود الآلي ستجعل من العيش في مناطق كهذه ملائمة على نحو متزايد مع الانتقال يوميًّا من أجل العمل إلى المدينة القريبة.

 

السأم من التمدد

فقدان البيئة الطبيعية بشكل كامل أو تقسيمها إلى أقسام أصغر تعد من الأسباب الرئيسية لانقراض أنواع عديدة حول العالم منذ وقت طويل. كما أن التمدد العمراني المتجدد يهدد بزيادة حجمي كلا من خسارة البيئة والتقسيم. هذه التهديدات معروفة جدًا بين المحافظين، ولكن هناك اختلافات في الرأي عن الوسيلة الأفضل لاتخاذ الموقف الأفضل.

على سبيل المثال: البيئات الحديثة ينادون باستراتيجية “تقصيد الأرض”، بحيث تكون النشاطات البشرية مركزة في المناطق المدنية وترك قِطَع الأراضي الشاسعة للطبيعة. حيث هناك العديد من المشاكل الثقافية والأخلاقية الموروثة متأصلة حول الرعي في المدن، ولكن مشاكل التخطيط القريب المدى المطروحة من قبل المركبات المستقلة ستفاقم التحدي حيث أن طلب دعم الأراضي “المقتصدة” سيزداد.

بدلا من ذلك يدافع بعض المحافظين على البيئة عن “تبادل الأراضي” ، حيث يعاد تصميم المجتمعات البشرية في طريقة الزراعة والعيش وذلك حتى نتعايش مع الحيوانات البرية. المركبات المستقلة ستخلق تحديات جوهرية لكلا التوجهين، عبر تقسيم أنظمة الطرق.

وباعتبار أي المنهجين؛ سنحتاج لإعادة تصميم الأنظمة والسياسات الموجودة لأخذ النطاق الزائد الذي تسهله السيارات المستقلة بعين الاعتبار. هذا قد يشمل قوانين جديدة لتقسيم المناطق وذلك لحماية مساحات أوسع من الريف أكثر من الوقت الحاضر. وبالتأكيد يتطلب الأمر تطوير البنية التحتية الخضراء والممرات البيئة بالإضافة إلى المتنزهات.

كما من الممكن أن يتضمن حلولًا هندسية خصوصًا بوجود حقيقة أن المركبات المستقلة يجدر بها أن تكون قابلة للقيادة تحت الأرض. من الممكن تخيل مستقبل حيث سيكون جسر الدب الشهير رائد صغير لبرنامج شاسع حيث تكون الطرق الريفية السريعة مغطاة بالغابات الخضراء. تعديل الطرق إلى أنفاق لن يكون رخيصًا، ولكن سيصبح أكثر سهولة عندما يستثنى السائقون البشر من المعادلة. برمجيات السائقين ستقلل من الازعاج عن طريق الضوء الاصطناعي حيث أنه أكثر كفاءة في تخفيف أثر الازدحام أثناء البناء.

السياسة الأكثر تحفظًا مبنية على التخطيط من أجل العالم الذي نعيش فيه الآن. التخطيط الاستراتيجي المحافظ يحتاج إلى أخذ المستقبل بعين الاعتبار بدلًا من ذلك. وفي مستقبل السيارات دون سائق، من المحتمل أن تصبح المدن الكبرى في القرن العشرين أرياف كبرى في القرن القادم. إلا إذا أصبح المخططون والمحافظون بمستوى هذا التحدي.

 

 

ترجمة: خالد القحطاني

مراجعة: نجود آل سدران

 

المصدر:

The Conversation

شارك المقال

اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!