كشف العلاقة ما بين الضغط العاطفي وأمراض القلب

16 نوفمبر , 2017

الملخص :

دائما ما نسمع عن علاقة الغضب و الضغوط النفسية و الاجتماعية على صحتنا خصوصا المشاكل القلبيةوالعصبية. هذا المقال هو الدليل على مدى صحة هذه المقولة لأنه يعرض عدة دراسات و أبحاث أجريت على العلاقة ما بين ما نشعر به داخليا وبين الدماغ الذي يؤثر بشكل مباشر على صحتنا ثم ينتهي المقال بعرض عدةحلول للتخلص من أسباب المرض وغيره .

 

 

منطقة صغيرة داخل الدماغ، على شكل حبة اللوز تسمى باللوزة الدماغية تشارك في عملية المشاعر الانفعالية كالقلق، الخوف، والتوتر. الآن، دراسة جديدة في التصوير الدماغي تكشف لنا كيف أن اللوزة الدماغية عالية النشاط من الممكن أن تؤدي إلى سلسلة من الأحداث في أنحاء الجسم والتي منها زيادة احتمالية الإصابة بنوبات قلبية.

 

قال د.أحمد تاواكل -مسؤول هذه الدراسة وأستاذ مشارك في كلية الطب لجامعة هارفرد- : “تحدد هذه الدراسة الآلية التي تربط القلق بالتهابات الشرايين، مما يؤدي لخطر الإصابة بنوبة قلبية”.

 

في وقت سابق أظهرت الدراسات المبنية على الحيوانات بأن التوتر يحفز نخاع العظم على صنع خلايا الدم البيضاء. هذه الخلايا المناعية قد تؤدي إلى إلتهاب. وهي عملية تشجع على تراكم الترسبات الدهنية داخل جدران الشرايين. “لكن ما لم نكن نعرفه هو، هل يحدث هذا للإنسان أيضاً؟ و ما دور الدماغ في ذلك؟”

 

لمعرفة ذلك، قام تاواكل وزملاؤه بتحليل بيانات من ٢٩٣ شخصاً أجروا اختبارات باستخدام تقنيات تصوير خاصه تسمى بالتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني(CT/PET) تستخدم غالباً في الكشف عن السرطان. هذه الاختبارات استخدمت مواد فائقة مشعة يمكنها قياس نشاط منطقه معينه في الدماغ وأيضاً تكشف الالتهابات في الشرايين. لا أحد من المشاركين شُخِّص بالسرطان أو أمراض قلبية في وقت الفحص. خلال فترة المتابعة التي استغرقت من سنتين إلى خمس سنوات، ٢٢ شخصاً شهدوا مرض قلبي وعائي أو أكثر، مثل الذبحة الصدرية (خناق الصدر)، نوبة قلبية، أو سكتة دماغية.

 

الأسهم البيضاء في تلك الصور الدماغية تشير إلى جزئي اللوزة الدماغية. في الصورة اليسرى، المناطق الأكثر إضاءة (بالأخضر) تُظهِر مستويات عالية من النشاط في اللوزة. تزايد النشاط مرتبط بمستويات أعلى من التوتر وخطر الإصابة بأزمة قلبية.

 

ما هي اللوزة الدماغية عالية النشاط؟

نتائج الدراسة التي نشرت في ١١ يناير ٢٠١٧م من قِبل مجلة لانسيت الطبية، وجدت أن النشاط المرتفع في اللوزة الدماغية كان مرتبط بارتفاع نشاط النخاع العظمي، الالتهاب في الشرايين، وخطر الإصابة بأزمة قلبية أو مرض قلبي وعائي آخر. الارتباطية ضلت حتى بعد تغيير عوامل أخرى ذات تأثير على خطورة الإصابة بأمراض قلبية مثل ارتفاع ضغط الدم وداء السكري. أيضاً نشاط اللوزة يسلط الضوء على توقيت الحدث، حيث أن الأشخاص ذوي نشاط لوزة مرتفع مروا بالأحداث من وقت أقرب.

 

كلاً من الحجم ونشاط اللوزة الدماغية تختلف من شخصٍ إلى آخر، لكن الأشخاص الذين يعانون من القلق والتوتر أو الإجهاد يميلون إلى مستويات أعلى من نشاط اللوزة الدماغية. في معظم الحالات تسمى بمركز الخوف في الدماغ، تساعد اللوزة الدماغية الأشخاص على شعور وتقييم الضغوط الخارجية وتثبيت الاستجابة الفسيولوجية الداخلية، كما وضّح د.تاواكل.

 

كما ذكرت مقالة لانسيت نتائج دراسة منفصلة لثلاث عشر شخصاً يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة. قاموا بتعبئة استفتاءات صُممت لتقييم مستويات الإجهاد الحالية وخضعوا لعمليات التصوير نفسها. و تبين أن مستويات الإجهاد المرتفعة على علاقة طردية مع نشاط اللوزة المرتفعة وزيادة الالتهاب في الشرايين.

 

 

استراتيجيات للحد من الإجهاد

الأخبار المشجعة هي أن التقنيات التي تقلل من التوتر مثل التأمل واليوغا قد تضعف النشاط الزائد في اللوزة، كما تشير الأبحاث. وتشير العديد من الدراسات الصغيرة إلى أن استراتيجيات التغلب على الإجهاد يمكن أن تقلل من حالات أمراض القلب والأوعية الدموية. ركزت واحدة من الدراسات على الأشخاص المتواجدون في إعادة التأهيل القلبي، وهو برنامج مكون من تدريبات رياضية و وممارسات قلبية صحية للأشخاص الذين يتعافون من أمراض و عمليات جراحية متعلقة بالقلب. أما أولئك الذين تم تعيينهم إلى إعادة تأهيل القلب “المعززة” – التي شملت مناقشات للمجموعات الصغيرة والتدريب على الحد من التوتر ومهارات التكيف وتقنيات الاسترخاء – فقد انخفض عدد الأحداث القلبية خلال السنوات الثلاث التي أعقبت إعادة التأهيل من أولئك الذين أعيد تأهيلهم بالصورة العادية أو أولئك الذين اختاروا عدم إعادة التأهيل.

 

هذا الدليل المتزايد بالإضافة إلى نتائجه الأخيرة دفعت د.تاواكل لسؤال مرضاه عن مستويات الإجهاد لديهم وفي بعض الحالات إحالتهم إلى برنامج إدارة الإجهاد في معهد بنسون للعقل والجسد الطبي (انظر “طريقة ذكية لتخفيف التوتر”). يقول د.تاواكل “لا يزال هناك حاجة إلى تجارب عشوائية كبيرة للتأكد من أن علاج التوتر يقلل من معدل الإصابة بأمراض قلبية”. ولكن في هذا الحين فمن المعقول أن يوصي الأشخاص اللذين يعانون من إجهاد كبير و احتمالية الإصابة بمرض قلبي بالحد من التوتر، لأنها قد تساعد، و لا تشكل أي خطر. و لاحظ أن تقنيات الحد من التوتر تم دراستها على نطاق مختلف من الأمراض مع عدم وجود أي دليل على أي ردة فعل معاكسة.

 

وأضاف، عادةً ما نقول إننا بحاجة إلى “التعامل” مع توترنا، كما لو أنه شيء مزعج علينا أن نتحمله. ولكن غالبا ما نحتاج إلى تغيير طريقة تفكيرنا للتركيز على معالجة التوتر كما لو أنه سام بالفعل، كما أدركنا الآن.

 

أما بالنسبة لنفسه، الحصول على الكثير من التمارين هي طريقته المفضلة للتخفيف من توتره، و لكنه اكتشف أن تقنيات الاستغراق العقلي (Mindfulness)، والحصول على نوم جيد يساعد أيضاً. و قال: “وكما تعلمت أكثر عن علم التوتر، اتخذت المزيد من الخطوات للتقليل من توتري أنا. أحتاج أن أمارس ما أوصيت به مرضاي.”

 

طريقة ذكية لتخفيف التوتر

يقدم معهد بنسون هنري للعقل والجسد الطبي في مستشفى ماساتشوستس العام التابع لجامعة هارفارد مجموعة من البرامج لمساعدة الناس على تحسين نوعية حياتهم والتعامل مع الظروف الطبية المختلفة. تدرس إدارة الإجهاد و التدريب على التحمل (SMART) ممارسات الرعاية الذاتية التي تساعد على امتصاص التوتر اليومي وتعزيز التحمل و المرونة — القدرة على تغلب التوتر أو الإجهاد.

يتعلم الناس خلال الجلسات الفردية والجماعية عن التوتر وعلاقته بالمشاكل الجسدية و العاطفية. و أيضاً يؤكد هذا البرنامج على ضرورة الأكل الصحي، النوم الجيد، والنشاط البدني. التركيز الرئيسي هو تعلم مجموعة من التقنيات المؤدية إلى استجابة هادئة، وهي عكس الاستجابة للضغط والتوتر.

عُرفت لأول مره خلال السبعينات في جامعة هارفرد الطبية على يد طبيب القلب د.هربرت بينسون، الاستجابة الهادئة يُحصل عليها من خلال طرق كثيرة، منها التأمل، و الصلاة المتكررة. ولكن يمكن استدعاء هذه الاستجابة الهادئة بخطوتين بسيطتين:

  • خطوة ١: اختر تركيز مهدئ. أمثلة جيدة على ذلك هي تنفسك، صلاة قصيرة، أو كلمات إيجابية (مثل: “استرخي” أو “سلام”) أو عبارة (“تنفس بهدوء، تنفس استخراجا للتوتر”;”أنا مسترخٍ”). كرر ذلك بصوت عالٍ أو بصمت أثناء الشهيق والزفير.
  • خطوة ٢: اترك ما تعمل به، و استرخ. لا تقلق بشأن ما تقوم به. عندنا تلاحظ أن عقلك قد تشتَّت، ببساطة خذ نفساً عميقاً أو قول لنفسك “تفكير، تفكير” ورويداً عُد انتباهك إلى ماكنت تعمل به.

 

ممارسة هاتين الخطوتين لمدة ١٠ إلى ٢٠ دقيقة في اليوم من الممكن أن تساعد على تقليل الآثار المترتبة من الإجهاد والتوتر على جسمك.

 

 

 

ترجمة: شيخه الماضي

إيميل: [email protected]

مراجعة: نور الراعي

Twitter: @sham3t3mal

 

المصدر:

Harvard Health Publishing: Uncovering the link between emotional stress and heart disease

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!