لماذا نقع بالأخبار المزيفة ؟

لماذا نقع بالأخبار المزيفة ؟

17 أبريل , 2017

في الأشهر الأخيرة انتشرت كمية كبيرة من الأخبار المزيفة المنتشرة على الإنترنت والتي كشفت الضوء عن انتخابات الرئاسة الأمريكية مثلاً، والإشاعات المزعجة التي تهدد بإضعاف العملية الديموقراطية الأمريكية ورأينا عواقبها في العالم الحقيقي!

وقد ظهرت قصص مزيفة في العاصمة واشنطن تحدثت عن تورط محل بيتزا على أنه موقع منسق من هيلاري كلينتون لممارسة الجنس مع الأطفال! حتى أن رجلاً حمل بندقية عيار AR 15 ودخل إلى المحل ليستقصي ثم أطلق النار . الكثير من التحليلات قالت أن الأشخاص ممن ينشرون أو يكتبون مثل هذه المقالات المزيفة هم من المراهقين وهي من قبيل الأخبار الساخرة التي تدون في مواقع التواصل الإجتماعي كـ جوجل بلس و فيس بوك لكن ما الذي يمكن القيام به حتى يتم منع نشرها وتداولها؟ هذه الأخبار المزيفة لا تعتبر مشكلة إذا لم يتشاركها الناس، يجب أن يعي الناس سيكولوجية مشاركة الأخبار اونلاين هذا هو العلاج الناجح لما تسميه نيويورك تايمز بـ (الفايروس الرقمي) أي الإشاعات.

 

قال بعض المحللين أن التحيز هو جذر المشكلة فكل طرف يريد نشر دعاية مبغضة عن الآخر الفكرة ويعمل على انتقاء المعلومات التي تؤكد معتقداته ولا يبحث عن الحقيقة التي قد تكون مرة الطعم بالنسبة له، لكن هذا لايفسر لماذا نقع ضحية الإشاعات أيضا بالقضايا الغير حزبية والغير متعلقة بانتخابات أو صراعات!

التفسير الأكثر قبولاً هو الإهمال وعدم البحث عن مصداقية مصدر هذه الأخبار! في دراسة لعلم النفس لأكثر من عقدين عن سيكولوجيا تداول الإشاعات أن أحد العلامات البارزة من تجارب عديدة هو أن قراء الأخبار على الإنترنت لايبحثون عن المصدر ولا يتيقنون وهومايشار إليه بـ (عدم تقصي المهنية الصحفية). وقد أشار القرآن الكريم وأرشد المؤمنين حيث قال [وإذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة] صدق الله العظيم.

 

هل ينظر الناس إلى محرري الأخبار بمصداقية ؟

منذ الأيام الأولى للإنترنت، انتشرت الأخبار المزيفة عليه فـ في عام 1980 كانت هناك مجوعات نقاشية عبر الإنترنت تسمى (Usenet newsgroups) حيث يتم مشاركة الكثير من الأخبار المغلوطة؛ في بعض الأحيان هذه المناقشات تمتد خارج التيار الرئيسي.

قبل 20 عاما السكرتير الصحفي السابق للرئيس كينيدي بيير سالينغر، ظهر على شاشة التلفزيون مدعياً بأن طائرة تابعة الخطوط الجوية TWA الرحلة 800 أسقطت بصواريخ البحرية للولايات المتحدة وقد استند في ذلك على بريد إلكتروني خاطئ؛ عندما حدث ذلك، تراجعوا بسرعة بعد مراجعة الحقائق.

أما اليوم في عصر وسائل التواصل الاجتماعية، نحن نستقبل الأخبار ليس فقط بالبريد الإلكتروني، ولكن أيضًا خلال مجموعة متنوعة من المنصات الأخرى عبر الإنترنت. و السياسيين والمشاهير لهم تواصل مباشر إلى الملايين من المتابعِين، فيمكن لأي هكرز مخترق أن يرسل خبرا زائفًا أو إشاعة وينشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعية للملايين دون تدقيق للحقائق وتحدث البلبلة.

 

مشكلة تعدد المصادر الإخبارية

عندما يتعلق الأمر بأخبار الإنترنت، يبدو أن مكانة وسمعة وكالات الأنباء الإعتيادية – المصادر الموثوقة – تلقت ضربة موجعة من حيث الإقبال نتيجة بروز مواقع أكثر جذبا للجمهور، تخيل أنك تتفحص حسابك بالفيس بوك تتابع الأخبار و ترى ما يشاركه أصدقائك، وفي التويتر تقرأ تغريدات السياسيين والمشاهير معًا! اليس هذا عامل جذب؟

في الواقع هناك سلسلة من أربعة مصادر الأكثر شعبية لمتابعة الأخبار (الصحيفة الإعتيادية، السياسيين عبر تغريداتهم، برامج التواصل الاجتماعي بشكل عام والأصدقاء يلعب كلٌ منهم دورا في نقل الرسالة، وحجب هوية المصدر الأصلي والحدث الأصلي هذا النوع من “تعدد المصادر” هو سمة مشتركة للأخبار عبر الإنترنت.

 

أي من هذه المصادر تستطيع أن تقول أنه المصدر الرئيسي؟

لقد قمنا بتحليل بعض مواقع الأخبار وتوصلنا إلى مشكلة المصداقية المتفاوتة، مثل موقع ياهو نيوز (مصداقية عالية) أما (DrudgeRepor) فمصداقيته منخفضة، هذه المواقع في الغالب تعيد نشر أخبار من مواقع ووكالات أنباء أخرى وقد تعيد صياغة الخبر وتتلاعب به حسب توجهها، لذلك أردنا أن نعرف كم مره يولي القراء اهتمامهم إلى المصدر الأصلي لتفاصيل الأخبار التي تظهر على هذه المواقع؛ وجدنا أن القراء يبحثون في سلسلة من المصادر إذا كان الخبر هو مهما لهم أما عدا ذلك، لا يبحثون ويتأثرون بالمصدر أو الموقع الذي قرءوا منه الخبر مباشرة.

 

عندما يكون الأصدقاء والذات مصدرًا للأخبار!

عند قراءة الأخبار على شبكة الإنترنت، أقرب مصدر غالبًا ما يكون أحد أصدقائنا على الفيسبوك مثلاً. لأننا نميل إلى الثقة بأصدقائنا فالمرشحات المعرفية لدينا تضعف، مما يجعل وسائل التواصل الاجتماعي أرضًا خصبة للأخبار الوهمية التي تتسلل إلى وعينا.

أبحاثنا تشير إلى أن مستخدمي الإنترنت هم أقل شكًا بالمعلومات التي تظهر في بيئات متخصصة مثلاً موقع إخباري ينشر أخبارًا مضللة عن سوريا إذا علم المتلقون أن الموقع مختص بالشأن السوري يضعون عليه علامات مصداقية كبيرة بالرغم من أخباره المزيفه!

 

في تجربة شبيهه قدمنا أخبار وهمية حول الآثار السلبية لواقي الشمس إلى مواقع صحية متخصصة، اكتشفنا أن المستخدمين كانوا أقل تدقيقًا للأخبار الوهمية والأرجح لتصديقها. ما هو أكثر من ذلك، أن القراء من خلال التعليقات مالوا إلى التصرف حسب نصائح مقدمة في الخبر أو المقال مثلاً في الخبر المزيف عن واقي الشمس علقت احداهن: “أنوي التوقف عن استخدام واقي الشمس”، وأوصت أصدقائها بأن يفعلوا الشيء نفسه!

هذه النتائج تفسر لماذا تزدهر الأخبار الوهمية في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي حيث أننا على اتصال مع أصدقائنا ونملك صفحاتنا الخاصة التي تعكس مافي نفوسنا ونركن إلى شعور زائف بالأمان، ونصبح أقل تدقيقاً للمعلومات التي أمامنا، نحن لا نميز بين الأخبار الحقيقية والأخبار الوهمية لأننا لا نسأل حتى عن مصداقية مصدر الأخبار عندما نكون على الانترنت! لماذا نعطي المواقع الإخبارية وكل ما ينشر الثقة العمياء بأنه صحيح؟

 

 

 

 

 

ترجمة: عهد

Twitter: @Ahad_9519

مراجعة: مصعب بن محمود الذهلي

 

 

المصدر:

LivesCience

 

 

 


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!