” شركات تراهن على البكتيريا المُعدلة كطريقة جديدة لعلاج الأمراض “

16 يناير , 2017

دقق بواسطة:

هاله الشمري

شركات-تراهن-على-البكتيريا-المُعدلة-كطريقة-جديدة-لعلاج-الأمراض

” شركات تراهن على البكتيريا المُعدلة كطريقة جديدة لعلاج الأمراض ”

يعكف علماء الأحياء الاصطناعية على تطوير بكتيريا معدلة وراثيًا يمكن ابتلاعها لمعالجة بعض الأمراض، حيث من المتوقع أن يبدأ متطوعون من الولايات المتحدة الأمريكية خلال العام القادم بابتلاع كبسولات محشوةً بـبكتيريا الأي كولاي ” E coli ” المعدلة عن طريق الهندسة الوراثية.

صُممت هذه الحبوب التجريبية بواسطة شركة ” Sylogic ” في كامبريدج ماساتشوتس، و تحتوي هذه الحبوب على بكتيريا مصممة لعلاج مرض أيضي نادر بحيث عندما تصل لمعدة الشخص تقوم بامتصاص كميات كبيرة من مادة الأمونيا بدل أن يمتصها جسم الإنسان المريض. قُرر أن تكون أولى تجاربها السريرية خلال 2017، كمثال مُبكر لما يُطلق عليه مؤسسي الشركة ” المضادات الحيوية الاصطناعية ” أو ” البكتيريا المعوية المُزودة ببرامـج وراثـية ” تمكنها من الاحساس بأي خطبٍ ما يحدثُ في الجسمِ ثم اتخاذ الإجراء اللازم كتوصيل بعض الأدوية ليتم امتصاصها أو إطلاق مادة كيميائية ملونة تُفيد في الاختبارات التشخيصية للأمراض.

فكرة ابتلاع هذه البكتيريا المعدلة وراثيًا قد تبدو غريبة، ولكن الغرض من انتاج مثل هذه الجراثيم يمكن أن يكون وسيلة جديدة لكي تتولى عمل الوظائف الفسيولوجية للمرضى، و كبديلًا للحبوب أو الحُقن. هذه البكتيريا الذكية يمكن أن تكون كأول استخدام طبي لشكل من أشكال الأحياء التركيبية يُعمم بواسطة مؤسس شركة ” Synlogic ”  و البروفيسور من معهد ماساتشوتس للتقنية جيمس كولنز في بداية عام  2000 م. في ذلك العالم قام البروفيسور كولنز بتصنيع ما يشبه المفتاح الكهربائي في عمله لبكتريا الأي كولاي، عبارة عن دائرة تحتوي على اثنين من الجينات، وكان ذلك إثبات ضخم، و بوقت قصير أعلن علماء من برنستون عن بكتيريا الفلورسنت التي يمكن أن تومض الضوء داخل الجسم.

وكانت الفكرة عبارة عن برمجة للخلايا لتنفيذ جميع أنواع الوظائف الجديدة والمفيدة، وهذا يبرر اهتمام العديد من الخبراء بهذا الموضوع، وكثرة الحديث عنه في برنامج ” TED TALKS ” وفي مساباقات الطلاب الدولية.

ولكن خطة ” Synlogic ” لهذه الحبوب المعدلة وراثيًا تُعد أولى التطبيقات الطبية الملموسة لمثل هذه الأفكار، حيث أنها تنطوي على حذف وإضافة العديد من الجينات لسلالة غير ضارة من البكتيريا المعوية الأي كولاي ” E Coli ” بحيث تكتسب شهية جامحة للأمونيا التي تشكلت من النيتروجين والذي نحصل عليه من تناول البروتينات، عادةً النيتروجين الزائد يتم تحويله إلى يوريا وتخرج مع البول، ولكن بعض الأشخاص لا يتمكن من معالجة ذلك بسرعة كافية، فيؤدي ذلك إلى ارتفاع مستويات الأمونيا في الدم و التي يمكن أن تكون سامة بما يكفي لقتل الأطفال حديثي الولادة و تسبب للأطفال والبالغين الهذيان واضطراب في السلوك، لكن بكتيريا الأي كولاي المُعدلة تستطيع تحويل الأمونيا السامة إلى أرجينين وهو حمض أميني غير ضار، وذلك بابتلاع كبسولة واحدة في اليوم تحتوي على حوالي 100 مليار من البكتيريا المُعدلة.

بهذه التقنية ليس فقط يتم معالجة الأمراض النادرة، بل يمكن أيضًا استخدامها في علاج أمراض السرطان و علاج التسمم الغذائي الناتج من بكتيريا السالمونيلا، وفي حالة السرطان يتم برمجة مثل هذه الجراثيم المُعدلة للتعرف على الأورام في الجسم ومن ثم تحقن بنفسها الأدوية المضادة للسرطان في تلك الأورام مباشرة لأن مثل تلك الأدوية قد تكون سامة إذا ما أُعطيت عن طريق الحُقن الوريدية.

في السابق قامت شركة أوربية واحد تدعى ” ActoGenix ” باختبار حبوب كبسولات تحوي على بكتيريا معدلة وراثيًا لكن حتى الآن لم يتم طرحها للتداول الطبي العام، فمثل هذه الأدوية تضل غير مألوفة لدرجة أنه حتى الآن لم يتم الاتفاق على اسم علمي لها، هيئة الغذاء والدواء الأمريكية ” FDA ” تطلق عليها اسم “المنتجات الحيوية العلاجية الحية ” أو ” living biotherapeutic products “.

حاليًا، هُناك ما لا يقل عن ثمانية إلى عشرة من البكتيريا المُعدلة وراثيًا في انتظار الضوء الأخضر من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية لتخضع للاختبار في وقت مبكر في الولايات المتحدة، ويقدر ياميل هيرنانديز، أحد مؤسسي شركة  ” Trayer Biotherapeutics ” ، بدء التطبيق الفعلي لهذه التقنية في ولاية ماريلاند الأمريكية حيثُ تعتزم الشركة هندسة بكتيريا الزبادي الملبنة ” lactobacillus “، لجعلها تقوم بهضم مادة الفينايل ألانين أو  ” phenylalanine ” للأشخاص الذين لا يستطيعون هضمها، وهذه المادة موجودة في الحليب، و المكسرات ، و ” كوكاكولا زيرو ” وغيرها من المشروبات الغازية الخاصة بالحمية. يقول هيرنانديز: ” أنه يمكن رش هذه البكتيريا المُعدلة على شكل مسحوق على الغذاء الذي يتناوله المريض بعسر الهضم لهذه المادة “، كما يصفها: ” انها مثل فرس النهر الجائع جداً، ووجبتها المفضلة مادة الفينايل ألانين”.

استخدام البكتيريا كعلاج ليست فكرة جديدة على الطب، فمن المعروف أن اللُقاح ضد مرض السل يتكون من الجراثيم المُضعفة، لكن لا أحد متأكد تمامًا من الكيفية التي سيتم عن طريقها تنظيم مثل هذه الأدوية التي تحتوي على البكتيريا المُعدلة فبما أنها تعتبر بكتيريا حية فمن الممكن أن ينتهي بها المطاف في المراحيض وتلك مُشكلة أخرى لذلك يعتقد “جوتيريز” أنه في بعض الحالات يجب أخذ الأذن من وكالة حماية البيئة إضافة لهيئة الأغذية والأدوية.

وهناك خطورة اخرى تكمن في أن البكتيريا يمكن تتبادل الحمض النووي مع بعضها البعض، مما يعني أن التغييرات الجينية التي تقوم بها الشركات يمكن أن تتنج لنا كائن مختلفًا تمامًا نظريًا. لكن في الممارسة العملية يقول العلماء أن الكائنات الحية المهندسة وراثيًا لديها فرصة ضئيلة لتقوم بعملية التبادل مع نوعها من البكتيريا غير المعدلة. وعادةً ما تموت هذه الجراثيم وتفنى معلوماتها الجينية.

تُصرح شركة ” Synlogic ” أن الجراثيم التي تنتجها لديها بعض الميزات الإضافية المبرمجة في الجينوم والتي تجعلها أكثر أمنًا، مثل ذلك ما صرح به جوتيريز حول برنامج التخلص من الأمونيا السامة، حيثُ قال: ” إنها تعمل فقط في بيئة منخفضة الأوكسجين كأمعاء الإنسان حيثُ يتم انتاج الأمونيا ” ، ” كما أنها تعتمد على نسبة وجود المواد الغذائية، و مادة الثيميدين وهي بمستويات ليست عالية في الجهاز الهضمي ” ، ويقول: ” إنه بسبب هذه الميزة، فإن تلك الجراثيم المُعدلة تنقسم مرة واحدة فقط قبل أن تموت ” .

ترجمة: د.عبدالمجيد كريدس

Twitter: @Dr_Kraidis

مراجعة: هاله عبدالعزيز الشمري

Twitter: @HalahAlshammari

المصدر:

MIT Technology Review


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!